الإدارات المدنية في ريف دمشق تتحول إلى بديل واقعي للبلديات الرسمية
15 مايو 2025
في ظل الفراغ الذي خلفه غياب النظام السابق عن مدن وبلدات ريف دمشق، برزت الإدارات المدنية كأجسام جديدة تسعى لتنظيم الحياة اليومية للسكان، وسط تحديات أمنية وخدمية كبيرة.
وتستمد هذه الإدارات مشروعيتها من التوافق المحلي، وتتكئ على شخصيات مدنية وعسكرية كانت فاعلة في الحراك الثوري، لا سيما المهجرين الذين كانوا في الشمال السوري، أو تحظى بثقة المجتمع المحلي، وتحاول أن تسد فراغًا طال مختلف القطاعات.
بين المجالس المحلية القديمة والإدارات المدنية الجديدة
تأتي هذه التجربة امتدادًا لما كان يعرف بالمجالس المحلية والتنسيقيات المدنية التي نشطت في بدايات الثورة السورية، لكن بإمكانات محدودة وشروط جديدة.
فبعد سقوط النظام، عاد مهجرون من داريا وحرستا وسقبا وغيرها إلى بلداتهم، وشكّلوا ما بات يُعرف بالإدارات المدنية مدعومين من ممولين دعموا الثورة سابقًا، ما منحهم قدرة على التحرك تفوق قدرة البلديات الرسمية، التي تعاني من التهميش بسبب ضعف التمويل الحكومي.
تتولى هذه الإدارات المحلية مهمة الإشراف على القطاعات الخدمية مثل الأفران والنظافة والكهرباء (الأمبيرات) وضبط الأسواق، كما تشارك في وضع الخطط التنموية والتنسيق مع الفعاليات المحلية.
وفي بعض المناطق مثل دوما وداريا، أُعيد تفعيل بعض العناصر من الفصائل الثورية السابقة (مثل جيش الإسلام، ولواء شهداء الإسلام) لإدارة المخافر وضبط الأمن، بالتنسيق مع الجهاز الأمني الجديد الذي يعمل على ترحيل فلول النظام وضبط الأوضاع.
اعتراف رسمي.. لكن مشروط
وفي بادرة لافتة، التقى محافظ ريف دمشق، عامر الشيخ، ومحافظ القنيطرة أحمد الدالاتي، ممثلين عن هذه الإدارات في عدد من المدن، مثل داريا ومعضمية الشام وصحنايا، وأقرا بدورهم كممثلين مؤقتين للمحافظة لحين عودة مؤسسات الدولة بشكل كامل، وقد حُددت أولويات المرحلة بإعادة ضبط الأمن وسحب السلاح، مع تحسين الخدمات العامة ضمن الموارد المتاحة.
رغم بعض النجاحات، إلا أن الإدارات المدنية تواجه تحديات كبيرة، من أبرزها قلة الكوادر المؤهلة، ضعف التمويل، غياب قاعدة بيانات أمنية، وانتشار مجموعات غير منضبطة. ومع ذلك، فإن اعتماد الأهالي عليها ووجود دعم غير مباشر من السلطة، يجعلها لاعبًا رئيسيًا في مستقبل إدارة مناطق الريف الدمشقي.
ويقول محمد عبد القادر، عضو لجنة الحي ومسؤول اللجنة الأمنية في مساكن برزة، لـ"التر سوريا"، إن التحديات التي واجهت تنسيقيات الثورة في المنطقة من اعتقالات وملاحقات أمنية خلال فترة حكم النظام أجبرت عددًا كبيرًا من مؤسسي التنسيقيات على مغادرة البلاد، ما أدى إلى ضعف في هيكليتها.
وأكد أنه لم يكن هناك أي تنسيق مع جهات حكومية في تلك الفترة. أما الآن، فالوضع مختلف، إذ إن من تبقى من أعضاء التنسيقية في الداخل كان لهم دور أساسي في تشكيل لجان الأحياء والمجلس المحلي، وهناك حاليًا تنسيق دائم وتكليف رسمي من محافظة دمشق فيما يتعلق بالأعمال الخدمية.
كما أوضح عبد القادر أن التنسيق يشمل أيضًا الجوانب الأمنية، بالتعاون مع جهاز الأمن العام والمسؤولين في المنطقة، وذلك ضمن إطار عملهم في اللجان الأمنية. وبيّن أن اللجان لا تحل محل البلدية، بل كُلّفت بمتابعة عمل البلديات ودوائر الدولة في الحي، بما يعزز من دورها الخدمي والتنظيمي في ظل الظروف الراهنة.
من جهته يوضح أحمد الوائل ناشط في مكتب معضمية الشام الإعلامي، أنه لم تجرَ أي إعادة هيكلة لبلدية المدينة باستثناء تغيير رئيسها، وجرى تشكيل الإدارة المدنية التي تدير المدينة فعليًا، والتي تتكون نواتها من أربعة أشخاص منهم قائد فصيل سابق وكانوا قد هُجروا إلى إدلب في أواخر العام 2016.
يشير أحمد إلى أن الإدارة المدنية نجحت في تسيير أمور المدينة وعدم الانجرار إلى فوضى لا سيما خلال الأيام الأولى التي تلت سقوط النظام، حيث تمكنت من حصر السلاح لا سيما مع امتلاكها التفويض الكامل من هيئة تحرير الشام قبل حلها، ولكن الآن اختلف الوضع لأن الموضوع العسكري والأمني لم يعد أولوية والمدينة تحتاج لتأمين خدمات وجمع كلمة الأهالي فالطريقة التي أنشأت فيها الإدارة المدنية إن صح أن نقول "أُنشئت" لأنها الأهالي لم يختاروها وليست قادرة على استيعاب حاجات الأهالي وتوفير الخدمات اللازمة لأنها لم تُنشأ على أساس إداري.
ويرى الوائل أن إعادة تفعيل دور البلدية هو الخيار الأنسب، ومن خلالها يمكن للأهالي أن يشاركوا في إعادة نهوض مدينتهم، وإعطاء ثقتهم لها.
الكلمات المفتاحية

شمال شرق سوريا.. استمرار انقطاع الاتصالات وسط صمت رسمي
تجاوز انقطاع خدمات الاتصالات الخلوية في شمال شرق سوريا شهره الثاني، وسط غياب أي توضيح رسمي

من الأنقاض إلى الأمل.. مشروع إعادة تدوير الركام في الشمال السوري
في شمال سوريا، حيث خلّفت الحرب دمارًا هائلًا في البنية التحتية والمجتمعات، انطلق مشروع مبتكر لإعادة تدوير الركام،

سوق الأربعاء في القامشلي.. مكان تستمر فيه الحياة ويتجدد الأمل
ما يحدث في سوق الأربعاء في القامشلي ليس محصورًا في هذه المدينة فقط، بل هو جزء من ظاهرة شائعة في شمال شرق سوريا

من بينها سوريا.. مذكرة أميركية تمهّد لتوسيع حظر السفر
تعتزم الولايات المتحدة توسيع نطاق قيود السفر لتشمل مواطني 36 دولة إضافية، من بينها سوريا ومصر ودول آسيوية وإفريقية وكاريبية

من الأنقاض إلى الأمل.. مشروع إعادة تدوير الركام في الشمال السوري
في شمال سوريا، حيث خلّفت الحرب دمارًا هائلًا في البنية التحتية والمجتمعات، انطلق مشروع مبتكر لإعادة تدوير الركام،

احتفالية رسمية لتكريم الرياضيين السوريين بعد إنجازات دولية لافتة
كرّمت وزارة الرياضة والشباب 24 بطلًا سوريًا حققوا إنجازات دولية منذ مطلع العام

البحوث الزراعية: 24 صنفًا جديدًا من القمح في سوريا وسلالات مقاومة للجفاف والملوحة
تواصل الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية جهودها لتعزيز إنتاج القمح واستنباط أصناف تتحمل الظروف المناخية الصعبة