مجتمع واقتصاد

القطاع الصحي هو الأكثر تضررًا.. كيف يهدد انقطاع الدعم الأميركي حياة الملايين في سوريا؟

23 فبراير 2025
منظمة سامز
أدى وقف الدعم إلى توقف عشرات المشاريع الصحية والإغاثية (المكتب الإعلامي لمنظمة سامز)
أحمد العكلة
أحمد العكلةكاتب وصحافي سوري

تسبب وقف الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب المساعدات الإنسانية إلى عدة دول، بينها سوريا، في توقف عشرات المشاريع الصحية والإغاثية التي تخدم ملايين السوريين شهريًا.

وجمدت الولايات المتحدة مساعداتها الخارجية، بما ذلك المساعدات الغذائية الطارئة، بحسب أمر تنفيذي أصدره ترامب أمر فيه بتجميد المساعدات الأميركية الخارجية لمدة 90 يومًا.

وأعلنت إدارة مستشفى باب الهوى، المستشفى الأكبر الذي يقدم العلاج المجاني في شمال سوريا، عن توقف الدعم المقدم له، الأمر الذي أدى إلى إيقاف كل الخدمات الطبية التخصصية التي تخدم سكان شمال غربي سوريا والنازحين ضمن مخيمات المنطقة.

والمستشفى كان مدعومًا من قِبل الجمعية الطبية السورية الأميركية "سامز" (SAMS). ويجرى المستشفى أكثر من 1200 عملية جراحية شهريًا، ويقدم أكثر من 31 ألف خدمة طبية لما يزيد على 17 ألف مراجع، بينما يقصد عياداته الخارجية أكثر من 7 آلاف مراجع. كما يضم أقسامًا لعلاج الأورام وغسل الكلى والعناية المشددة، وفق بيان صدر عن إدارة المستشفى.

وبحسب البيان، فإن توقف الدعم سيؤدي إلى وقف جميع الخدمات الحيوية، الأمر الذي يشكل تهديدًا صحيًا كبيرًا للأهالي في المنطقة، حيث سيواصل المستشفى استقبال الحالات الإسعافية الطارئة فقط.

أدى توقف الدعم الأميركي بشكل مفاجئ إلى توقف المساعدات الأساسية عن مئات آلاف السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر في المخيمات

وقال الدكتور مازن كوارة، المدير الإقليمي لمنظمة "SAMS" المدعومة أميركيًا، لـ"الترا سوريا": "يعتبر مستشفى باب الهوى من أهم المشافي في الشمال السوري، نظرًا لموقعه الجغرافي وسط تجمعات سكانية كبيرة وقربه من الحدود التركية. دعمت SAMS المستشفى منذ شباط/فبراير 2019، أي لأكثر من خمس سنوات، وخلال هذه الفترة، قدمت أقصى ما تملك واستحدثت العديد من الخدمات الأساسية".

وأضاف: "حاليًا، المستشفى لا يزال قيد العمل ولم يغلق، ولكن التمويل المخصص له انتهى تمامًا. منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، تمول SAMS المستشفى من تبرعات خاصة، إضافةً إلى منحة صغيرة من GIZ، ومع ذلك، لا يمكنها الاستمرار بتمويله وحدها نظرًا لضخامة احتياجاته التشغيلية، التي تتجاوز 2 مليون دولار شهريًا".

ولفت كوارة إلى أنه: "كنا على موعد مع تمويل أميركي عبر منظمة الصحة العالمية في شباط/فبراير وآذار/مارس، لكن هذا الدعم تم تعليقه بسبب قرار إدارة ترامب بإيقاف التمويل الخارجي. ورغم الجهود الكبيرة التي بذلتها SAMS لتأمين مانح جديد، فإننا لم نحصل على أي التزامات جديدة حتى الآن، مما وضعنا أمام تحد كبير في استمرار تشغيل المستشفى".

وكذلك توقفت عشرات المشاريع الإغاثية التي تقدم المساعدات الغذائية لملايين النازحين شهريًا، كما طلبت المنظمات من مئات الموظفين التوقف عن العمل.

علم أسامة السليم بتوقف عمله في اليوم الثاني لوقف المساعدات الأميركية، وهو موظف في منظمة "بيبول إن نيد" الدولية العاملة في سوريا، والمدعومة من برنامج المساعدات الأميركي، ويعمل في توزيع كروت مالية للعوائل في الخيام بشكل شهري منذ سنوات. وقال السليم في حديث لـ "الترا سوريا" إن معظم المنظمات الدولية تتلقى دعمًا من برنامج المساعدات الأميركي، ويشمل الصحة والغذاء والصرف الصحي وبناء المساكن، ولكن توقفه بشكل مفاجئ أدى إلى توقف المساعدات الأساسية عن مئات آلاف السوريين الذين يعيشون تحت خط الفقر في المخيمات".

انقطاع الدعم الأميركي

وأشار السليم إلى أن الأمر لم يقتصر على المدنيين، بل بدأت المنظمات تسريح آلاف الموظفين العاملين معها: "ما يعني فقدان تلك العوائل الدخل الشهري ما يزيد من تفاقم الكارثة، حيث إن معظمهم ليس لديهم قدرة على العمل بشكل تطوعي بسبب الغلاء الكبير وعدم وجود مدخول آخر".

ويتوجه الدعم الأميركي بشكل كبير إلى قطاع الصحة، وخصوصًا العمليات الجراحية، ويتم تخصيص مصاريف شهرية ضخمة لمشافي الشمال السوري الذي يضم ملايين النازحين من أجل تقديم العلاج لهم مجانًا على مدار السنين الماضية.

مصطفى المصطو، مريض يعاني من مشاكل الكلى، يبدي تخوفه من توقف مركز غسيل الكلى في المستشفى الذي يتعالج فيه في إدلب مجانًا بشكل أسبوعي، فهو يجلس في خيمة وليس لديه قدرة على دفع أي من تكاليف العلاج بسبب مرضه وعدم وجود فرص عمل في الوقت الحالي.

وأكد المصطو أن حياته مهددة بالخطر، فهو بحاجة إلى غسيل الكلى 3 مرات أسبوعيًا، حيث تأتي سيارة إسعاف لمنزله توصله للمشفى وتعيده، وتوقف الدعم سوف يوقف كل هذه الخدمات بالتأكيد، مطالبًا الحكومة بالعمل على إيجاد حلول سريعة لهذا الملف وتعويض غياب الدعم وخصوصًا المرضى.

ويعاني نازحو الخيام بشكل مضاعف في شمال سوريا، وذلك بسبب عدم قدرتهم على العودة لمنازلهم بسبب تدميرها وقلع أشجارهم، ما يدفعهم للاعتماد على المساعدات بشكل رئيسي للمعيشة، وهو ما سيتسبب خلال أسابيع بكارثة إنسانية في حال لم يكن هناك تدخل لحل مشكلة الدعم.

مدير المكتب الإعلامي في مديرية صحة إدلب، كرم الشيخ علي، يؤكد أن توقف الدعم الأميركي عن القطاع الصحي في شمال غرب سوريا سيكون له تأثيرات كبيرة، حيث يعد الدعم الأميركي جزءًا أساسيًا من تمويل وتطوير الخدمات الصحية في المنطقة التي تعاني من تحديات كبيرة، سواء على صعيد البنية التحتية أو نقص الكوادر الطبية".

وأشار الشيخ علي، في حديث لـ"الترا سوريا"، إلى أن توقف الدعم سيؤدي إلى نقص التمويل المخصص للمستشفيات والمراكز الصحية والتي تعتمد أساسًا على الدعم الأميركي لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية.

الدعم الأميركي

كذلك سيكون هناك تراجع في برامج الصحة العامة مثل حملات التطعيم والرعاية الصحية للأمهات والأطفال، رغم أن هناك العديد من الأطباء والممرضين في المنطقة، إلا أن نقص التمويل يسبب ضغطًا إضافيًا على هؤلاء الكوادر الذين قد يضطرون للعمل في ظروف صعبة دون توافر الأدوات والمعدات الكافية.

ونبه إلى إمكانية  تفشي الأمراض، فتوقف هذه المساعدات قد يصعب السيطرة على هذه الأوضاع الصحية المتدهورة، حيث إن جزءًا مهمًا من الدعم الأميركي مقدم لدعم البنى التحتية.

وحول الحلول البديلة لتأمين الدعم، أكد الشيخ علي أن مديرية صحة إدلب تعمل جاهدة على مواجهة تحديات القطاع الصحي في ظل توقف الدعم الأميركي، وذلك عبر مجموعة من الحلول والإجراءات التي تهدف إلى الحفاظ على استمرارية تقديم الرعاية الصحية وضمان خدمات صحية أساسية للمواطنين في المنطقة. 

ولفت إلى أنها تعمل على تنويع مصادر التمويل من أجل تقليل الاعتماد على الدعم الخارجي، وتسعى مديرية صحة إدلب لتوسيع شبكة الممولين والمتبرعين من خلال التعاون مع منظمات دولية أخرى، مثل الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية.

جدير بالذكر أن المستشفيات التي توقفت، بشكل كلي أو جزئي، جراء توقف الدعم الأميركي هي: مستشفى الداخلية في جسر الشغور، ومستشفى السلام في حارم، ومستشفى حارم العام (أريحا المركزي سابقًا)، ومستشفى إنقاذ الروح ـ نسائية ـ نفسية، ومستشفى الإخاء، ومستشفى باب الهوى، ومستشفى عين البيضا، ومستشفى الهداية ومشفى شام ـ داخلية (كوفيد سابقًا)، ومستشفى الساحل، ومستشفى المجمع الطبي الإسلامي، ومستشفى البرناص، ومستشفى كفرتخاريم للنسائية والتوليد، ومستشفى إدلب المركزي.

الكلمات المفتاحية

الجفاف شمال شرق سوريا

الجفاف يواصل تهديد القمح في شمال وشرق سوريا.. ومطر متأخر يثير الأمل الهش

يهدد الجفاف القمح في شمال وشرق سوريا رغم أمطار متأخرة أشعلت الأمل، فيما يواجه الفلاحون مخاطر متصاعدة


يونس الكريم

حوار| يونس الكريم: اقتصاد اليوم قائم على الشعارات والقرارات المزاجية والسلطة تجيد الإصغاء

ملفات كثيرة وتفاصيل مثيرة يطرحها الباحث الاقتصادي يونس الكريم في هذا مع موقع "الترا سوريا"


نفايات حلب

جمع النفايات في حلب.. احتياجات متزايدة وتوزيع غير متوازن للموارد بين الأحياء الراقية والمنسية

يستعرض التقرير واقع جمع النفايات بحلب، مبينًا ارتفاع الاحتياجات وتفاوت توزيع الموارد بين الأحياء الراقية والمنسية حاليًا


ثلاثية الأزمة الاقتصادية

تحرير السوق واضطراب الصرف وتراجع الدعم.. ثلاثية الأزمة الاقتصادية في سوريا الجديدة

تستمر الأوضاع الاقتصادية في سوريا سوءًا رغم مرور نحو عام على الوعود الحكومية بتحسين المعيشة واستقرار الأسعار

الجفاف شمال شرق سوريا
مجتمع واقتصاد

الجفاف يواصل تهديد القمح في شمال وشرق سوريا.. ومطر متأخر يثير الأمل الهش

يهدد الجفاف القمح في شمال وشرق سوريا رغم أمطار متأخرة أشعلت الأمل، فيما يواجه الفلاحون مخاطر متصاعدة

أبناء المعتقلين
أخبار

الشؤون الاجتماعية توضح إجراءاتها في ملف أبناء المعتقلين وتؤكد امتناعها عن التصريحات الإعلامية

أكدت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في بيان صادر عنها مواصلتها العمل على ملف الكشف عن أبناء المعتقلين قسرًا


صندوق النقد الدولي
أخبار

بعثة صندوق النقد تشيد بمؤشرات التعافي وتحثّ على نظام ضريبي بسيط وشفاف يعزّز الحوكمة

بحثت بعثة صندوق النقد بدمشق تعافي الاقتصاد وخطط الإصلاح المالي والنقدي وتعزيز قدرات المؤسسات في المرحلة

منتخب سوريا لكرة القدم
منوعات

بتشكيلة شابة وطموح الانتصار.. منتخبنا الوطني لكرة القدم يواجه باكستان في تصفيات آسيا

يواجه منتخبنا الوطني باكستان غدًا بتشكيلة شابة، سعيًا لتأكيد الصدارة وصقل المواهب وتحقيق فوز يعزز مسيرته الآسيوية

الأكثر قراءة

1
ثقافة وفنون

هل يُورَّث العار؟ سؤال خالد خليفة المزلزل في "لم يصلِ عليهم أحد"


2
أخبار

تركيا تنفي استقبال مرحّلين سوريين من أوروبا


3
قول

رسالة قصيرة وسريعة إلى شعب الخيام


4
أخبار

قوات الاحتلال تنشئ حاجزًا مؤقتًا في ريف القنيطرة.. ووفود عسكرية روسية وتركية تصل المنطقة


5
سياسة

مخيم الهول.. بين حقيقة وجود "داعش" ومغامرة التفكيك العشوائي


advert