سجن رومية اللبناني.. معتقلون سوريون يواصلون إضرابهم عن الطعام لليوم العاشر

دخل المعتقلون السوريون في سجن رومية اللبناني يومهم العاشر من الإضراب المفتوح عن الطعام، في خطوة تصعيدية للمطالبة بتنفيذ الاتفاق المعلن بين الحكومتين السورية واللبنانية، بشأن استرداد كافة المعتقلين السوريين إلى سوريا.

الإضراب الذي بدأ بمشاركة 125 معتقلًا، يشهد ازديادًا في أعداد المشاركين، وسط تدهور صحي حاد يهدد حياتهم، حسب مصادر خاصة من داخل السجن.

"عمر" أحد المضربين عن الطعام، قال في تصريح خاص لموقع "ألترا سوريا": "التهم الموجهة إلينا قد سقطت بسقوط النظام وانتصار الثورة، التي أصبحت فصائلها التي كانت تُصنَّف ذات يوم (إرهابًا) في لبنان، هي اليوم الدولة الحاكمة، فلماذا يجب أن نبقى في السجون؟ لقد ظُلِمنا طوال السنوات الماضية، وقُمِعنا وتهدمت حياتنا الاجتماعية والأسرية، وسلبت منا أجمل سنوات عمرنا لأننا قاتلنا ضد الآلة الوحشية لنظام الأسد، واليوم، حان الوقت لتكريمنا في سوريا، ولنعود إلى الحياة والحرية، وإلى أمهاتنا وأطفالنا".

وأشار "عمر" إلى حالة الغضب والإحباط التي تسيطر على المعتقلين، الذين يرون أنفسهم ضحايا ظروف سياسية وأمنية معقدة، وأن عودتهم إلى سوريا هي حق مشروع بعد سنوات طويلة من الاحتجاز التعسفي، حسب تعبيره.

أكدت الشبكة السورية لحقوق الإنسان أن المعتقلين السوريين في سجن رومية يواجهون انتهاكات مستمرة، تشمل سوء التغذية، وغياب الرعاية الطبية، واحتجازًا تعسفيًا طويل الأمد دون محاكمة

من جهته، قال "فواز" وهو معتقل آخر لموقع "ألترا سوريا": "لقد تم تبييض السجون بالكامل في سوريا، وكل سجين سوري في لبنان يجب أن يُعاد إلى وطنه الذي فتح صفحة جديدة مع جميع أبنائه، باستثناء مجرمي النظام السابق".

وأضاف: "الأجهزة الأمنية في لبنان تتعامل بعنصرية مع اللاجئ السوري، وتعرضه للتوقيف والاحتجاز على أدنى شبهة، حيث قد يبقى سنوات طويلة خلف القضبان بلا محاكمة، فقط نتيجة تقرير كيدي من مخبر".

ولفت إلى أن: "اللاجئ السوري الموقوف في السجن بلبنان هو ضحية النظام أيضًا، لأنه اضطر للهروب من بطش الأسد، ووجد نفسه بلا معيل هو وأسرته في ظروف غير إنسانية. وبعض هؤلاء اللاجئين، نتيجة هذه الظروف القاسية، قد يضطر إلى التزوير أو بيع الممنوعات أو التهريب ليشتري حتى كيس دواء لأطفاله، وبالتالي الجميع يجب أن يعود إلى سوريا؛ كون هذا يخفف العبء على السلطات اللبنانية التي تعاني من مشكلة اكتظاظ السجون ولم تعد قادرة على حل هذه المشكلة المزمنة رغم الحكومات المتعاقبة".

وبحسب المرصد اللبناني لحقوق السجناء، فإنه مع مرور الأيام تتدهور الحالة الصحية للمضربين بشكل مقلق، إذ إن العديد منهم يعانون من حالات هبوط وإعياء شديد، مما استدعى نقل بعضهم إلى المستشفى بشكل عاجل.

من جهتها، أصدرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان بيانًا أكدت فيه أن معظم المعتقلين يواجهون انتهاكات متواصلة لحقوقهم الأساسية، بما في ذلك نقص الرعاية الطبية المناسبة وسوء التغذية والاحتجاز التعسفي لسنوات دون محاكمة. 

وأشار البيان أيضًا إلى أن الشبكة حصلت على شهادات من معتقلين وذويهم تؤكد أن الظروف القاسية داخل السجن تفاقمت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة.

ليست هذه هي المرة الأولى التي يرفع فيها المعتقلون السوريون أصواتهم احتجاجًا على أوضاعهم، حسب الشبكة الحقوقية، في عام 2020، خلال جائحة "كورونا"، طالب المعتقلون بالإفراج عنهم بسبب تفشي الفيروس داخل السجن وانعدام الرعاية الطبية، ما أدى إلى ارتفاع حالات الإصابة بينهم، كما شهد عاما 2019 و2022 احتجاجات مماثلة، كان أبرزها اعتراض المعتقلين على الإهمال الطبي، الذي أدى إلى وفاة عدد منهم. وفي 2024، أقدم عدد من المعتقلين على محاولات انتحار نتيجة التدهور الحاد في أوضاعهم النفسية وشعورهم باليأس.

يشار إلى أنه في كانون الثاني/يناير الماضي، أعلنت وزارة الخارجية السورية أن دمشق وبيروت توصلا إلى اتفاق بشأن استرداد جميع المعتقلين السوريين في السجون اللبنانية، إلى جانب تأمين الحدود ومكافحة المخدرات ومتابعة قضية الودائع المالية المفقودة للسوريين في البنوك اللبنانية، ومع ذلك، يبدو أن هذا الاتفاق لم يدخل حيز التنفيذ بشكل كامل حتى الآن، مما أثار غضب المعتقلين وأسرهم، حسب مصادر حقوقية.

وفي ظل هذه المعاناة المستمرة، دعت الشبكة السورية لحقوق الإنسان الحكومتين السورية واللبنانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنهاء معاناة المعتقلين السوريين في لبنان. 

وأكدت الشبكة في بيان لها على أن الحل الوحيد للأزمة هو تنفيذ الاتفاق المعلن، وتعيين مسؤول حكومي رفيع المستوى لمتابعة التنفيذ، وضمان عودة كافة المعتقلين السوريين إلى وطنهم بأسرع وقت ممكن.

وفي 12 شباط/فبراير الجاري، أصدر المرصد اللبناني لحقوق السجناء بيانا أكد فيه "أنه بعد تبييض السجون في سوريا وطي صفحة الظلم السوداء، حان الوقت لفتح صفحة جديدة في لبنان، الذي تغصُّ سجونه بآلاف اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين، الذين يعتبرون ضحية بشكل أو بآخر للوضع الأمني و السياسي والاجتماعي السابق إبان المرحلة المظلمة التي خيمت على البلدين، ولأن المظلومية كبيرة ومتعددة الوجوه والأطراف، ونظرًا للوضع القاسي للسجون اللبنانية التي أصبحت قنبلةً موقوتة على وشك الانفجار، وللحيلولة دون انزلاق أمورها نحو الأسوأ".

ومطلع كانون الثاني/يناير الماضي، تجمع العشرات من ذوي معتقلي الرأي السوريين، الذين يقبعون في سجن رومية اللبناني، أمام قصر الشعب في العاصمة السورية دمشق، بالتزامن مع الزيارة التي أجراها رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي إلى سوريا.

ورفع المتظاهرون أصواتهم مطالبين بالإفراج عن أبنائهم، مشيرين إلى أن بعض هؤلاء المعتقلين مضى على احتجازهم أكثر من عشر سنوات، كما شددوا على أن المناشدات الحقوقية والدعوات الشعبية المتكررة لم تلقَ أي استجابة حتى الآن لإنهاء معاناتهم.