فوانيس وزينة وأضواء ملونة: كيف يقضي السوريون رمضانهم في مصر؟

مع اقتراب رمضانهم الرابع عشر خارج بلادهم، يعيش السوريون في مصر أجواء مميزة ومختلفة اعتادوا عليها خلال وجودهم فيها. وبالرغم من تشابه العادات والتقاليد الرمضانية بين الدول العربية، إلا أن مصر أضافت بصمتها الخاصة على رمضان السوريين، فامتلأت بيوتهم بالفوانيس، وزينت محالهم بالأشرطة الملونة والأضواء، وبات السحور المصري حاضرا على موائدهم.

يعيش في مصر نحو مليون ونصف المليون سوري، بحسب الإحصائيات الأخيرة عام 2024، ويتوزعون على المحافظات المصرية، ويتركز غالبيتهم في القاهرة والجيزة والإسكندرية.

أجواء مميزة كل عام

مع بداية شهر شعبان، واقتراب الشهر الفضيل، ترتدي شوارع الكنانة ثوبها الرمضاني، ويبدأ المصريون بإعداد محالهم وبيوتهم لاستقبال الشهر الكريم، فتتزين الشرفات والبيوت بالفوانيس الكبيرة، والأشرطة الملونة، والأضواء المتنوعة. فيما تبدأ المحلات بوضع الرفوف الخاصة بشهر رمضان، وفرش البضاعة الرمضانية خارج المحلات وداخلها بطريقة ملفتة للنظر.

وتشهد الشوارع المصرية ازدحامًا كبيرًا قبيل رمضان، حيث يبدأ المصريون بشراء المستلزمات الغذائية ومستلزمات العصائر، و"ياميش رمضان"، وهو اسم يطلقه المصريون على الفاكهة المجففة والمكسورات مثل الجوز واللوز وغيرها.

وعلى رفوف أخرى، تنتشر العصائر الرمضانية الخاصة بالمصريين مثل "السوبيا" وهي عبارة عن الحليب المضاف إليه جوز الهند والسكر، وهو مشروب يلازم السفرة المصرية طوال الشهر الفضيل.

السوريون يصومون بأجواء مصرية

تعتبر الأجواء بين سوريا ومصر متشابهة نوعًا ما، من حيث التحضير للشهر وشراء المستلزمات، وتنظيف البيوت استعدادًا لرمضان، لكن المميز في مصر هو أن الشوارع والبيوت تستعد أيضًا.

ساهمت الأجواء الرمضانية المميزة، بتعزيز العلاقات بين السوريين والمصريين، وعرفتهم على ثقافاتهم المختلفة التي رسمت لوحة مميزة عن شكل الاندماج بينهم

رنا عبد الحي، سورية مقيمة في مصر، تقول: "عندما أتيت إلى مصر كنت أشعر أن الزينة الرمضانية صاخبة، ولكن بعد سنة واحدة فقط بدأت بشراء الزينة والأضواء، كما أني في كل عام أشتري لبناتي الفوانيس كهدية وتشجيع على الصيام".

تضيف رنا: "كل الشوارع والبيوت في مصر تستعد لرمضان، أشعر أن له رائحة مختلفة في مصر، فالأجواء مبهجة والقاهرة لا تنام طول الشهر الكريم".

بحكم اندماج السوريين في مصر وعدم شعورهم بالغربة وسكنهم مع المصريين، باتت العادات المصرية جزءًا من حياتهم، وفي كل عام، يقوم سكان البناء الواحد بجمع المال وتزيين البناء والفناء الخاص به بالأضواء والشرائط الملونة.

أحمد خالدي، سوري مقيم في الإسكندرية، يقول: "يعتبر شهر رمضان من أكثر الأوقات التي نشعر فيها بالقرب من المصريين، فنتعاون على تزيين عمارتنا ولا نشعر أننا غرباء عنهم بل أهل وأصدقاء".

ومن العادات المصرية الشهير في رمضان، والتي أصبحت محببة للسوريين أيضًا، هي قضاء السحور بالخارج، فتجد العائلات المصرية والسورية مجتمعة معًا على السحور. حيث تقوم المطاعم الشعبية في رمضان بفرش الكراسي والطاولات أمام المطعم، ووضع الإضاءة والزينة، وتقديم وجبات "الفول والطعمية والبطاطس والأجبان"، مما يخلق طقسًا مميزًا يستمتع به السوريون والمصريون.

تبدأ فترة السحور من الساعة 12 ليلًا تقريبًا وتستمر حتى آذان الفجر، وتصدح فيها أصوات الموشحات والأغاني الرمضانية والفوازير.

نذير محمود، سوري مقيم في القاهرة، يقول: "في كل عام يجب أن نذهب أنا وصديقي المصري وعائلاتنا للسحور معًا في شوارع المعز، أشعر أنني أعيش في حكاية مصرية قديمة وأمشي داخل التاريخ عندما أذهب لهذه الأماكن".

يضيف نذير: "لم تكن هذه العادات موجودة في سوريا، حيث كنا نذهب للسحور عند أقربائنا أو أصدقائنا في البيوت فقط".

نكهة سورية

مع انتشار المحال التجارية والمطاعم السورية في مصر، أُدرجت أصناف جديدة على قائمة الطعام تلبي احتياجات الزبائن السوريين والمصريين.

فأضافت المطاعم السورية على وجبة السحور، الفتات الشامية، والمناقيش والأجبان المختلفة، بالإضافة إلى تقديم سحور مصري أيضًا، مما زاد الإقبال عليها. كما انتشرت المأكولات الرمضانية الخاصة بالسوريين، مثل "خبز الناعم"  وتماري الكعك والمعروك، والقطايف بالقشطة، والعصائر المختلفة.

كما يتشارك الشعبان عادة تبادل الأطباق، مما ساهم في تزايد معرفة المجتمعين بثقافة طعامهم المختلفة، وعزز العلاقات الاجتماعية بينهم.

شيماء علي، مصرية، تقول: "بدأت علاقتي بجارتي السورية عندما أرسلت لي طبقا مليئًا بالحلويات الرمضانية السورية، وأصبحنا من بعدها نتكلم أكثر ونتعرف على أكلات بعضنا".

بدورها رزان الحاج، تقول: "تعلمت من صديقتي المصرية طريقة طهي بعض الأكلات المصرية التي يحبها أبنائي كونهم كبروا في المجتمع المصري، كما نضيف إلى موائدنا أكلات وحلويات مصرية لا نستغني عنها كل رمضان".

ساهمت الأجواء الرمضانية المميزة، بتعزيز العلاقات بين السوريين والمصريين، وعرفتهم على ثقافاتهم المختلفة التي رسمت لوحة مميزة عن شكل الاندماج بينهم.