مخلفات الحرب.. الموت المختبئ في حقول السوريين
17 فبراير 2025
يخشى قتيبة الأحمد العودة من أجل زراعة القمح في منطقته آفس بريف إدلب الشرقي، ذلك أن أرضه مليئة بالألغام العشوائية التي كان قد زرعها النظام السابق و تسببت بإصابة أحد المدنيين وبتر قدمه.
ويقول قتيبة الأحمد في حديث لموقع "ألترا صوت" إن مخلفات الحرب -وخصوصاً الألغام والذخائر العنقودية- تهدد حياة جميع العائدين "فهي بمثابة قنابل موقوتة وقد أودت بحياة العشرات خلال فترة قصيرة، وما زالت هناك آلاف العوائل مهددة".
ويضيف أن بقاء هذه الألغام يعيق عودته لبلدته، وكذلك يحرمه من زراعة أرضه وجني موسم القمح الذي ربما يعوضه عن الخسائر التي تكبدها جراء تدمير منزله من قبل جيش النظام السابق.
ووثقت فرق إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني، منذ تاريخ 27 تشرين الثاني 2024 حتى 26 كانون الثاني 2025، مقتل 46 مدنياً بينهم 8 أطفال وامرأة، وإصابة 82 مدنياً بينهم 31 طفلاً بجروح بعضها بليغة، في انفجار لمخلفات الحرب والألغام في المناطق السورية.
وتخلصت الفرق من ما يقارب 1060 ذخيرة غير منفجرة، وحددت 134 حقل ألغام في المحافظات السورية، منذ تاريخ 26 تشرين الثاني 2024 حتى تاريخ 18 كانون الثاني 2025، لحماية المدنيين وتأمين عودتهم لمناطقهم ومنازلهم التي هجروا منها.
وحول ظهور أدوات بدائية يعمل عليها مدنيون لإزالة الألغام مثل الجرافات، أكد محمد سامي المحمد، منسق برنامج إزالة مخلفات الحرب في الدفاع المدني السوري، أن هذه الأدوات غير آمنة وغير مناسبة أبداً للتعامل مع مخاطر الألغام، "إزالة الألغام تحتاج لفرق مدربة وأدوات متخصصة"، معتبراً أن التعامل مع الألغام من أخطر المهام في العالم.
وطالب المحمد المدنيين بضرورة عدم الاقتراب من الألغام أو محاولة لمسها فضلاً عن محاولة تفكيكها أو التعامل معها، وإبلاغ الجهات المختصة في حال مشاهدة أي لغم أو جسم غريب.
وحول خطة الدفاع المدني المستقبلية بخصوص إزالة مخلفات الحرب، أشار المحمد في حديث لموقع "ألترا صوت" إلى أن هذا الملف يحتاج لجهود جميع الفاعلين، و"نتواصل مع جميع المنظمات العاملة والفاعلين بمجال إزالة مخلفات الحرب لزيادة التنسيق للوصول إلى خطة واضحة للعمل والتخلص من مخلفات الحرب وتمكين السكان من العودة لديارهم واستثمار أراضيهم".
وأضاف: "نخطط لزيادة عدد ونوعية تدريب فرقنا العاملة في إزالة مخلفات الحرب، لدينا خطط أولية لزيادة عدد الفرق من 6 فرق إلى 12 فريقاً، إضافة لتحضير المعايير والمتطلبات الأولية المتعلقة بالفرق لتكون قادرة على التعامل مع مخلفات الحرب".
وختم حديثه بأن الأهالي في سوريا هم ضحايا لموت طويل الأمد بسبب مخلفات الحرب، و"نناشد أهلنا المدنيين بعدم الدخول إلى القرى والبلدات والأراضي التي كانت ضمن خطوط التماسّ سابقاً مع نظام الأسد البائد وعدم الدخول للمنازل المدمرة أو سلوك طرقات غير مستخدمة، وعدم الاقتراب من الثكنات والمقرات العسكرية والحواجز السابقة والسواتر الترابية والخنادق، والحذر من أي جسم غريب، وعدم لمسه أو تحريكه والإبلاغ عنه".
وقالت فرق الدفاع المدني إن نظام الأسد السابق والميليشيات الموالية له تعمدوا زرع الألغام في مناطق حيوية وفي الأماكن التي يتوقع تحرُّك المدنيين فيها، لقتل أكبر عدد ممكن، وإن هذه الجرائم طويلة الأمد بحق السوريين هي وجه آخر من حربهم وإجرامهم.
محمد المصطو، وهو أحد المسؤولين في إدارة العمليات العسكرية عن متابعة ملفات الذخائر غير المنفجرة، يؤكد أن حجم العمليات التي يقومون بها كبير، ولكنها بالمقارنة مع حجم الألغام الموجودة في منطقة شمال سوريا فإنها تُعتبر بسيطة وتحتاج لمضاعفتها من أجل تأمين عودة السكان بشكل أسرع.
وأضاف ف أن العمليات شملت الحصول على خرائط عسكرية تتضمن مواقع حقول الألغام في المناطق التي كان يتواجد فيها جيش النظام السابق ومرافقة فرق هندسة من أجل تفكيكها والتخلص منها.
ولفت المصطو إلى أنهم اصطحبوا جنوداً للنظام السابق يعرفون مواقع حقول الألغام في عدد من المناطق من أجل إزالتها والتخلص منها، وتم تفكيك مئات الألغام في منطقة ريف إدلب الجنوبي على وجه التحديد.
ولم تقتصر مخلفات الحرب على حصد أرواح المدنيين فحسب، بل تسببت بوفاة عدد من عناصر فرق الهندسة الذين تطوّعوا لإزالة الألغام من قراهم تمهيداً لعودة السكان من الخيام على الحدود السورية - التركية.
عبد الله العيس كان يسير هو وصديقه بالقرب من القرية الأثرية في قرية شنشراح بريف إدلب الجنوبي، ولم يخطر له أن جيش النظام السابق زرع مئات الألغام ضمن المناطق الأثرية لمنع تقدُّم الفصائل سابقاً.
وقال العيس إن صديقه وقع في حقل ألغام، وبترت رجله و"بدأ يناشدني بإنقاذه، وكنت في حيرة من أمري بين أن أذهب لإنقاذه أو أقع في حقل آخر، وغامرت وأسعفته للمشفى بعد أن فقدَ قدماً وتضررت الأخرى".
ويضيف في حديثه أن حالة صديقه ربما تتكرر كثيراً، لتوقع ضحايا آخرين، ما يستدعي تحركا عاجلا وشاملا من الجهات المعنية.
الكلمات المفتاحية

شمال شرق سوريا.. استمرار انقطاع الاتصالات وسط صمت رسمي
تجاوز انقطاع خدمات الاتصالات الخلوية في شمال شرق سوريا شهره الثاني، وسط غياب أي توضيح رسمي

من الأنقاض إلى الأمل.. مشروع إعادة تدوير الركام في الشمال السوري
في شمال سوريا، حيث خلّفت الحرب دمارًا هائلًا في البنية التحتية والمجتمعات، انطلق مشروع مبتكر لإعادة تدوير الركام،

سوق الأربعاء في القامشلي.. مكان تستمر فيه الحياة ويتجدد الأمل
ما يحدث في سوق الأربعاء في القامشلي ليس محصورًا في هذه المدينة فقط، بل هو جزء من ظاهرة شائعة في شمال شرق سوريا

من بينها سوريا.. مذكرة أميركية تمهّد لتوسيع حظر السفر
تعتزم الولايات المتحدة توسيع نطاق قيود السفر لتشمل مواطني 36 دولة إضافية، من بينها سوريا ومصر ودول آسيوية وإفريقية وكاريبية

من الأنقاض إلى الأمل.. مشروع إعادة تدوير الركام في الشمال السوري
في شمال سوريا، حيث خلّفت الحرب دمارًا هائلًا في البنية التحتية والمجتمعات، انطلق مشروع مبتكر لإعادة تدوير الركام،

احتفالية رسمية لتكريم الرياضيين السوريين بعد إنجازات دولية لافتة
كرّمت وزارة الرياضة والشباب 24 بطلًا سوريًا حققوا إنجازات دولية منذ مطلع العام

البحوث الزراعية: 24 صنفًا جديدًا من القمح في سوريا وسلالات مقاومة للجفاف والملوحة
تواصل الهيئة العامة للبحوث العلمية الزراعية جهودها لتعزيز إنتاج القمح واستنباط أصناف تتحمل الظروف المناخية الصعبة