"سُرر": قراءات من الوجع السوري
12 مارس 2025
إذا أردنا البحث عن تعريف للقراءة المسرحية فإننا نجدها في معجم المصطلحات الدرامية والمسرحية للدكتور إبراهيم حمادة. إنها "تلاوة مسرحية بممثل أو أكثر، يتلو أمام جمهور من الحضور مختارات من مسرحيات وعادة تتم دون استعمال مناظر المسرحية أو أزياء خاصة أو حتى موسيقى تأثيرية"، في حين يعرف المعجم نفسه القراءة الدرامية بأنها "تلاوة مسرحية جهرية لتفسير النص المسرحي والاستمتاع بتذوقه عن طريق الاستماع والتفهم".
تعتمد القراءة المسرحية بشكلها العام على ملامح الوجه ونبرة الصوت لإيصال شخصياته، ولكن خشبة مسرح القباني احتوت يومي الجمعة والسبت الماضيين، السابع والثامن من آذار/مارس، عرض القراءات "سُرر" الذي قدم مزيجًا بين قواعد القراءة المسرحية وليونة الأداء في الفضاء المسرحي المفعم بالتلوين والترميز، استند على نصوص أدبية سورية مكتوبة في زمن الثورة الذي امتد من 2011 حتى 2024، تنوعت بين المسرح والقصة والشعر والمقال، تخللها قطع موسيقية شرقية النفس.
ما يميز النصوص المطروحة تلك المفردات التي عاشها السوريون خلال تلك الحقبة الزمنية، الثورة والاعتقال، الهجرة والتغييب القسري والخوف من المجهول، مشكلات الحياة وحتى الأزمات الاقتصادية كان لها نصيب عبر "نهاية مستمرة" للكاتبة وفاء عبد الله التي سألتها أمام باب المسرح عن الخط العام للنص، فأجابت: "النص وليد ورشة للكتابة المسرحية نهاية 2022، يتحدث عن مفهوم الصبر لدى عائلة سورية ذات مرجعية دينية، تواجه التحديات المادية بشكل يومي، وبالرغم من اليأس الذي أكلها بأسنان الحياة النمطية التي انتهت بها إلى ذات جديدة، فإنها تحاول في كل لحظة الابتعاد عن هذه النهاية المستمرة".
أنهيت الكلام ووقفت على باب المسرح أنتظر أن تُفتح الأبواب، جميع الوجوه رأيتها جمهورًا متعطشًا لأي عرضٍ فنيٍ ينعش الحركة المسرحية، لكن بعضها فاجأني وهو يصعد خشبة المسرح، أسلوب جديد اختاره المخرج ساري مصطفى باقتراب الممثل من الجمهور الذي سألناه عن عنوان العرض، فأجاب: "سرر هي كلمة تلعب على بحر من المعاني باختلاف تشكيلها، الأسرار والمسرة، كف اليد وآخر الليالي القمرية، ولذلك فإن مضمون هذا العرض بحالته يحتوي على العديد من حالات الفرح والحزن، الأمل والخوف، هي حالات مختلفة عاشها السوريون باختلافاتهم".
جوابه هذا دفعنا للسؤال عن اختياره 11 نصًا لكتّاب بعضهم محليين وآخرين خارج حدود الوطن، فأجاب: "الغاية الأسمى كانت التواصل مع أكبر عدد من الكتاب السوريين الشباب، فالذي بقي هنا كان مغيبًا عن الساحة، والذي غادر نحو الخارج أصبح بعيدًا عن الجمهور السوري، أكثر من 15 نصًا كانوا على سوية عالية اخترنا المنسجم والمتقارب بينها، عبر مقاطع صغيرة متصلة بالحالة ومنفصلة بطريقة المقولة". وفي نهاية حديثه، أخبرنا عن روح الفريق في صناعة هذا العرض ماديًا ومعنويًا، ومساهمات الأصدقاء في تأمين الكهرباء أثناء العرض.
ألوان متعددة من الأداء لامست الإحساس فأبطال العمل قادمون من بيئات فنية متنوعة، افتتاحية جيدة لحسام سكاف مع شريكته في المشهد القديرة حنان شقير، رأينا الفنان مجدي المقبل كيف انتقل دون أي تكرار بين الراوي في نص والبطل في نص آخر، مساحات لطيفة لعبت بها الفنانة رنا كرم، اختارت حينًا ملامح الوجه وحينًا آخر الحركة كأداة للتنفيذ، في حين أسرنا صوت رغدة الخطيب الساكن في الذاكرة، خصوصية كل مشهد فرضت إضاءة معينة وأبعاد كل شخصية قررت ملابسها ومكياجها، بدا ذلك واضحًا في شخصية "جابر" عن نص حارسة الحكايات لروعة سنبل، والتي أداها هاني الأطرش، صرنا نتذكر أنفسنا بين حوار يارا قطيش وفرح الدبيات في مشهد نهاية مستمرة لوفاء عبدالله، وننسى الإجابات على أسئلة شخصية "الطبيب" لمكسيم أبو دياب عن نص سؤال وسؤال للواء يازجي.
جلسنا في غرفة الممثلين، تحدثنا إلى حنان شقير وسألناها عن عودتها إلى المسرح بهذا العرض فأجابت: "منذ العام 2011 وأنا مقاطعة للعمل المسرحي في سوريا، لم أكن أريد أن أقول أجندات جاهزة ومقيدة، أردت حرية القول فكانت المهرجانات في الخارج ملجأ جيدًا لكن ذلك كلفني خسارة دفء المكان، لكنني أعود اليوم بمساحة أقول فيها كل ما أريده".
وأضافت: "وقوفنا اليوم على الخشبة ضروري لنشعر أننا قادرون على أن نروي وبصوتٍ عالٍ ما حدث في الماضي دون أن ندفنه، لنقول للجميع بأننا على قيد الحياة نحن والمسرح الذي سنظل نقول كلمتنا الحرة فيه دون خوف".
التفتنا إلى فرح الدبيات سألنا بطلة "درس قاسٍ" عن قدرتها على المزج بين الانضباط وحرية الأداء فأخبرتنا: "بالرغم من أنه عرض القراءات الأول لكن التجربة جميلة ومختلفة، أعطتني القوة كممثلة لأجعل قراءتي للنص بمضمونه تبدو وكأنها للمرة الأولى كل مرة، وكإنسان يريد أن يتفاعل مع الكلام المؤثر". وأكملت: "سماع الناس للنص في هذا النوع من العروض أهم من رؤيتهم لقدرات الممثل وأدواته، حتى النصوص النثرية التي قدمناها فيها من الكلام ما يجب أن يبتعد عن أي تشويش بالأداء، هنالك لحظات في النص تدفعك إلى التورط بالأداء لكن قدرة الممثل على الانضباط تسمح له بمعرفة الوقت المناسب للأداء والتفاعل".
وقفنا إلى جانب رغدة الخطيب وقبل أن تغادر أخبرتنا أن غيابها عن الخشبة طال لمدة 20 سنة، إذ كانت تشعر بأنها مكبلة في ظل النظام البائد، هي أيضاً تجربتها الأولى بالقراءات أرادت أن تقول من خلالها أنها موجودة وتعلمت منها الكثير، هي صورة جميلة تتمنى أن ترى مثلها مستقبلًا، فقد شبعنا السواد في الماضي، قالتها بكل شغف ومضت، لنختم حديثنا مع مغنى الأوبرا مكسيم أبو دياب والذي قص علينا رحلة اغترابه بين لبنان وتركيا، إذ ترك دراسته في المعهد العالي للموسيقى اختصاص غناء أوبرالي وغادر سوريا 2012.
وعن هذه التجربة، قال: "لأول مرة أقف على خشبة المسرح أمام الجمهور هنا بعد 13 سنة من الغياب، التجربة رائعة مع هذا الفريق المليء بالموهوبين والقامات الكبيرة، وبشكل عام فالجو كان إيجابيًا رغم الظروف الصعبة"، وأضاف: "التحضيرات بدأت منذ فترة قصيرة في مكان آخر، انتقلنا إلى هنا منذ 6 أيام، واليوم حضرتم معنا العرض بكل مفرداته".
الكلمات المفتاحية

وضاح سلامة: خائفٌ على مستقبل النحت في سوريا
يُفضّل وضاح سلامة اعتماد كلمة "البحث" في توصيف علاقته مع النحت، ذلك أن ثلاثين عامًا من الاشتغال على المعدن والحجر والخشب، وغيرها من الخامات، سمحت له بالكثير من التجارب والمحاولات

فيصل بني المرجة: يمكن للفن أن يكون أداة للتغيير
بين سوريا حيث الجذور، والمهجر والغربة والصقل، راكم المخرج فيصل بني المرجة تجربة إخراجية وإنسانية لافتة

نساء يسردن قصصًا عن الحرب.. نكتب كي لا تموت الحقيقة
كانت الأمسية القصصية التي نظمتها مؤخرًا "جمعية عاصمة السلام" في حمص، تتويجًا لورشة "كتابة القصة الشخصية"، بإشراف الحكواتي والممثل المسرحي بسام داوود، وذلك في دير الآباء اليسوعيين في حمص

وزارة النقل توضح أسباب وقف استيراد السيارات المستعملة
كشفت وزارة النقل السورية عن الأسباب التي دفعتها إلى اتخاذ قرارها الأخير، الذي يقضي بإيقاف استيراد السيارات المستعملة

مجموعة "بريكس" تدين احتلال إسرائيل أراضٍ جديدة في سوريا وتدعم وحدتها
أدانت الدول الأعضاء في مجموعة "بريكس" احتلال إسرائيل لأجزاء جديدة من الأراضي السورية، داعية إياها إلى الانسحاب منها بشكل فوري

بعد تحقيقهما العلامة الكاملة.. انطلاقة قوية للكرامة وأهلي حلب في "بلاي أوف" الدوري الممتاز
أسفرت نتائج الجولة الأولى عن تحديد ملامح الصراع على اللقب بعد أن حقق الكرامة وأهلي حلب العلامة الكاملة

استخراج مكتبة مدفونة منذ 10 سنوات في دير الزور لحمايتها من نظام الأسد
تداول نشطاء على منصات التواصل مقطعًا مصورًا يُظهر لحظة استخراج نحو ألفي كتاب كانت مخبأة تحت الأرض في قرية التبني بريف دير الزور